صورتنا عن الإله

بداخل كل منا صورة عن الإله. وقد نظن لأول وهلة ان ما تعلمناه عنه او ما سمعناه من اراء وتعاليم عنه له التأثير الاول والاخير في تكوين هذه الصورة. ولكن عادة ما يكون الانسان مفاهيمه واقتناعاته من خلال مصادر متعددة أهمها خبرات الحياة والعلاقات مع الاخرين وايضاً التعاليم التي يتلقنها.

العوامل التي تؤثر في تكوين صورة الإله في داخلنا:-

1-     العلاقات بين الانسان واقرب الناس اليه بالذات في الفترة الاولى من حياته.

2-     خبرات الحياة واحداثها.

3-     ابليس وافكاره الكاذبة

4-     حق الإله ومعرفة الإله الشخصية

اولاً :العلاقات بين الانسان واقرب الناس لديه

الحقيقة ان علاقة الطفل بأبيه وامه لها اكبر الاثر في اعطاءه مفاهيم عن الإله. فهذه العلاقة تعطي للطفل مفهوماً معيناً عن معنى الابوة، معنى الحب ومعنى العطاء وما الى ذلك من مفاهيم متعددة. فمثلاً الطفل لا يكون مفهومه عن الابوة عن طريق جمع الاراء المدونة في كتاب ما ولكن يكونه بما يلمسه في علاقته بأبيه وهذا بالتالي يؤثر في استقباله لفكر أبوة الإله له. وينعكس على طريقة تعامله مع الإله فيما بعد.

فالكتاب المقدس يعلمنا ان الإله أب رحيم وصالح ومحب جداً ولكن قد تعني الأبوة عند شخص ما انها ذلك الأب المتسلط القاس ولآخر تعني أب منشغل دائماً ليس عنده وقت يمنحه له. ولآخر تعني الأبوة ان كل ما يهم هذا الأب هو فعل الصواب الذي يراه ولا يهتم به كشخص ذي قيمة عنده. وآخر يرى الأبوة في أب أناني يعطي ليأخذ وكأنه يمنحه رشوة لكي يكون على الصورة التي يرغبها هو. وهكذا نرى ان هذه العلاقات بالذات في السنين الاولى من حياة الانسان قد ترسب مفاهيماً خاطئة تصبح بمثابة عائق امام الحق الكتابي ليصل اليه كما هو اذ ان بؤرة الاستقبال عنده مشوهة ومصابة وبالتالي قد تتحول هذه الاخبار السارة المدونة في كلمة الإله إلى أخبار محزنة ومشوهة.

ثانياً: خبرات الحياة واحداثها:-

ومن منا يخلو من ظروف صعبة واحداث موجعة ولكن هناك من يلقي اللوم دائماً على الإله ويظن انه السبب وراء كل بلية في الحياة. لذلك فانه لا يستطيع ان يعرف الإله على حقيقته لانه قرر ان الإله ظالم قاس. ولكن السبب الحقيقي لكل الأحداث المؤلمة والكوارث في حياة الجنس البشري هي خطية الانسان فبسقوط الانسان وتعديه على الإله فتح الباب لتدخل ابليس في حياته وعلاقاته بالآخرين وبالأشياء. فأدخل ابليس بالخطية الى حياة الانسان الانانية والكراهية والشر والفساد التي لوثت العالم وشوهته فقسى الانسان على اخيه الانسان مثلما فعل قايين بأخيه هابيل وقتله.

وقد قيل عن ابليس “السارق لا يأتي الا ليسرق ويذبح ويهلك”، فهدف ابليس هو ان يحطم الانسان ويهلكه مستخدماً كل الاحداث لذلك مستغلاً انانية الانسان وكراهيته لتدمير الاخرين.

أما المسيح فقد جاء لتكون لنا حياة وليكون لنا أفضل. فهو الاله الصالح المحب الذي يريد ان يحول المر الى حلو لنا ويستخدم كل الاشياء لخيرنا.

ألسنا نلوم الإله كثيراً على مواقف هو بريء منها!! من رمى بيوسف في البئر ومن باعه للتجار؟ انهم اخوته. ولكن الإله في صلاحه وقصده استخدم الشر الذي فعله اخوة يوسف ليكون خيراً له ولهم فيما بعد.

ثالثاً: ابليس الذي يشوه صورة الإله الحقيقية:-

ان هدف ابليس اولاً واخيراً هو ان لا يعرف الانسان الاله الحقيقي لئلا يحبه ويعبده ويكون في شركة معه. واذ معرفة الإله المعرفة الحقيقية هي الحياة بالنسبة للانسان فان ابليس بذلك يحقق مآربه وهو هلاك الانسان وذلك بجعله منفصلاً عن الإله.

وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته” (يوحنا 3:17).

ومن خلال كلمات الكتاب المقدس سأوضح هدف ابليس هذا وطريقته لتحقيق هدفه:

1- هدف ابليس الاساسي

–        ان يعمي الاذهان عن معرفة الاله الحقيقي.

–        وأن يمنع وصول الحق الى الانسان.

–        وأن يشوه صورة الإله ويشوه الحق.

كما هو واضح من هذه الكلمات:

” الذين فيهم اله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم انارة انجيل مجد المسيح الذي هو صورة الإله” ( 2 كو 4:4 )

ابليس هو الذي يعمي الاذهان حتى لا يصلها نور معرفة الإله الحقيقي. ولكن للأسف احب الناس الظلمة اكثر من النور وهكذا يحاول ابليس بكل الوسائل مستخدماً الاحداث الواقعة في حياة الانسان ان يوصل له انطباعاً خاطئاً عن الإله وهذا ما فعله مع حواء قديماً مستخدماً مكره وخداعه. فاذ نقرأ في سفر التكوين هذه الكلمات “وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله فقالت للمرأة، “أحقاً قال الإله لا تأكلا من كل شجر الجنة”. فقالت المرأة للحية، “من ثمر شجر الجنة نأكل واما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الإله لا تاكلا منها ولا تمساه لئلا تموتا”. فقالت الحية للمرأة لن تموتا بل الإله عالم انه يوم تاكلان منها تنفتح أعينكما وتكونان كالإله عارفين الخير والشر. هنا نجد الحية تفسر لحواء أمر الإله لها ولآدم بعدم لاكل من الشجرة التي في وسط الجنة تفسيراً معكوساً للحقيقة. اذ أنها أقنعت حواء لا شعورياً ان الإله بأمره هذا يحرمها من مكانه رفيعة وهي ان يكونا مساويين له تصيران كالإله ” اي انه إله اناني لا يريد الخير لهما ولكن اذا فهمنا فكر الإله الحقيقي لادركنا انه من محبته لهما قد اعطاهما هذه الوصية لخيرهما فهو:

اولا: اعطاهما وصية كي يتيح لهما الفرصة لممارسة حرية الارادة في ان يختارا بمحض ارادتهما ان يطيعاه ويعبران عن محبتهما له بطاعتهما هذه.

ثانياً: ان الإله هو خالقهما ويعرف جبلتهما وانه ليس لخيرهما ان يقررا ان يستقلا عنه ويرفضا الخضوع لسلطته، لانه كيف يستغني الانسان عن خالقه ومصدر حياته؟ فالإله يعرف انه ان اكل الانسان من شجرة معرفة الخير والشر سوف يتكبر ويستقل عنه وعند هذه النقطة عينها يصير ضعيفاً امام الشر الذي عرفه ويسقط تحت سطوته. فانفصال الانسان عن الإله يضع الانسان نفسه تحت لعنة الموت لان حياته في خالقه.

لذلك نجد ان الإله قرر ان يمنع ادم وحوءا من الاكل من شجرة الحياة بعدما اكلا من شجرة معرفة الخير والشر حتى لا يصير لهما دوام الحياة تحت لعنة الموت والسقوط تحت وطأة الشر. وهنا نجد ان امر الإله كان لخير ادم وحواء اما الحية فشوهت الحقيقة وهكذا قبلتها حواء فحدث السقوط.

2- القلعة التي يستخدمها العدو لتحقيق هدفه هي الذهن

اله هذا الدهر قد اعمى اذهان غير المؤمنين” (2كو4:4) ولكنني اخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح” (2كور3:11).

“أذ اسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالإله على هدم حصون هادمين ظنوناً وكل علو يرتفع ضد معرفة الإله ومستأسرين كل فكر الى طاعة المسيح (2كو10: 5،4). فالعدو بمكره يداوم على بناء ظنوناً وافكارا كاذبة حتى تصير حصونا تعيق الوصول الى معرفة الإله والمعرفة الحقيقية.

2- وسائل العدو لتحقيق الهدف

كلنا يعرف كلمة حصون انها تعنى أسواراً عالية ومنيعة، وبالطبع فإن هذه الحصون لا تبنى في يوم وليلة بل لا شك انها تتطلب وقتا طويلا لبناءها كذلك فان الحصون التي يبنيها عدو النفوس حول الاذهان هي حصيلة ظنون وافكار كاذبة ترسبت عبر السنين بواسطة استخدامه للاحداث والعلاقات في حياة الانسان ليعيقه من معرفة الحق. والعدو يعمي اذهان غير لمؤمنين وكذلك يحاول ان يخدع اذهان المؤمنين ويفسد اذهانهم، وفي ايامنا هذه يستخدم عدونا الخبيث طرقه الملتوية لايقاع اخلص المؤمنين في فخ الانخداع والبعد عن الحقيقة الروحية اذ يجعلهم يتعاملون مع إله آخر غير الإله الحقيقي.

من أحد الوسائل التي يستخدمها ابليس هو محاربته بالمكتوب كما فعل مع الرب يسوع عندما قال له” إن كنت ابن الإله فاطرح نفسك الى اسفل لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك فعلى ايديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. فقال له يسوع مكتوب ايضاً لا تجرب الرب الهك” (مت6:4 ،7).

فقد يدفع ابليس بعض المؤمنين لتجربة الإله اذ بجهلهم يتوقعون الإله وينتظرونه ليس في طريق احكامه بل في قالب رسموه داخل اذهانهم عنه فقد يبث العدو سمومه وافكاره المشوهة عن الإله من خلال كلمات يوحي بها الى اذهان البعض في صور لامعة وبراقة في الكتاب المقدس او في صورة أمور ايمانية براقة، خارقة للطبيعة مثلما فعل مع الرب يسوع عندما قال له ألقي بنفسك لان هذا سيكون دليل ايمانك بالمكتوب بأنك ستحمل…!!! فمثلاً، قد يقول للمؤمنين اهمل في صحتك فالإله شافيك او لا تبالي برعاية أبناءك فالإله يعني بهم ويحفظهم. او لا تفكر كيف ستدبر بيتك حسنا فان هذا عدم ايمان مثلاً والحقيقة ان الإله اوصانا بأن لا نقلق او نهتم لدرجة التثقل بأمور الحياة لانه هو حقاً يعتني بنا ولكنه بذلك لا يدعونا لحياة الكسل والتواكل وعدم المبالاة والسلبية التي تكون نهايتها غير مسرة حتماً.

والبعض منا يعرف قصة الثلاث فتيات اللواتي أردن الذهاب الى بلدة يفصلها عن بلدتهن نهر – فقررن في انفسهم ان يذهبن اليها مشياً على المياه كما فعل بطرس قديماً عندما امره يسوع بذلك. ولكن نهايتهن كانت الغرق. لقد جربن الإله ولم يكن هذا هو الايمان الذي يدعونا اليه الكتاب المقدس .

وللأسف قد يظن بعض المؤمنين المخلصين ان كل ما يأتي الى اذهانهم وقت الصلاة في صورة كلمات او انطباعات داخلية مصدرها الوحيد روح الإله. فلا يتوقفون برهة لامتحانها وقياسها على الحق الكتابي وبالتالي يعطوا فرصة لإبليس ان يبث سمومه بين كلمات صحيحة من عند الإله لانه علم انهم لا يفحصون شيئاً بل يقبلون كل فكر بسلبية تامة وعدم يقظة فيوقعهم في شبكة الانخداع ويرسم لهم صورة عن الإله غير حقيقية وقد يجعلهم يضعون انفسهم في قوالب جامدة وغير حقيقية او لا واقعية، وبتقبل هذه الخدعة واستمرار الموقف السلبي يخفق النور الحقيقي في الاعماق وتزداد امكانية الانخداع ويا لها من نتائج موجعة تلك التي تتبع هذه الاوضاع اذ ان البعض يصاب باحباط شديد في الإله او في انفسهم اذ انهم انتظروا الإله في طريق اخر غير طرقه، وفي قالب وضعوه هم فيه فلم تتحقق احلامهم فيه وتوقعاتهم منه وهكذا تنبت بذور اللوم والمرارة تجاه الإله ويخفت نور الايمان في صلاحه ومحبته وهكذا يمتلأ الانسان بالمخاوف تجاه الإله. وهذا بالطبع لا يدعونا الى التشكك في صوت الإله داخلنا او من خلال الاخرين بل كما يقول الكتاب المقدس ان نمتحن كل شيء ونتمسك بالحسن “لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء وتمسكوا بالحسن” (1تس19:5-20).

“لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك” ( 1تيمو 16:4 )

أهمية المعرفة والفهم الروحي:

إننا كثيراً ما نظن ان الاخلاص يكفي للحياة مع الإله ولكنه وحده ليس بكافياً ان لم يمتزج بمعرفة الحق. اذ يستغله ابليس لغرس سمومه في الاعماق لقد قيل “هلك شعبي من عدم المعرفة” وليس لعدم الاخلاص. نعم ان الشخص المخلص سيحفظه الإله ويثبته ولكن الإله لا يريده ان يظل جاهلاً بل يدعوه بكل الطرق لطلب المعرفة والسعي وراء النور ومعرفة الإله المعرفة العميقة الناضجة كما ذكر في سفر الامثال” يا إبني ان قبلت كلامي وخبأت وصاياي عندك، حتى تميل أذنك إلى الحكمة ويعطف قلبك على الفهم إن دعوت المعرفة ورفعت صوتك إلى الفهم أن طلبتها كالفضة وبحثت عنها كالكنوز، فحينئذ تفهم مخافة الرب وتجد معرفة الإله لأن الرب يعطي حكمة من فمه المعرفة والفهم”       (أم 2 : 1-6)، “إذا دخلت الحكمة قلبك ولذت المعرفة لنفسك فالعقل يحفظك والفهم ينصرك لإنقاذك من طريق الشرير ومن الانسان المتكلم بالاكاذيب لإنقاذك من المرأة الأجنبية من الغريبة المتملقة بكلامها” ( ام 2 : 10-12 ، 16 )

رابعاً: الإله وحقه

وهنا سنوضح باختصار الطريق الى معرفة الإله المعرفة الحقيقية.

الحق الكتابي

ذكر الكتاب المقدس هذه الكلمات ” الإله لم يره احد قط الابن الوحيد الذي في حضن ا لآب هو خبر”. ” الإله بعدما كلم الآباء قديماً بانواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الايام الاخيرة في ابنه. الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره”.

فالإله غير المنظور قد اعلن عن نفسه في ابنه يسوع المسيح المتجسد الذي يحمل صورة الإله الكاملة والصحيحة للجنس البشري، “لانه فيه (في المسيح) سر ان يحل كل الملء، فانه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً “وفي نور الانجيل نستطيع ان نعرف شخص المسيح الذي هو صورة الإله “… لئلا تضيء لهم انارة انجيل مجد المسيح الذي هو صورة الإله “.

اذن فلكي نعرف الإله لا بد ان ننظر الى يسوع المعلن في الحق الكتابي.

وسوف اذكر هنا بعض الصفات المذكورة عن الإله:

– الخالق

والآن يا رب أنت أبونا، نحن الطين وأنت جابلنا وكلنا عمل يديك (أشعياء8:64)

– المحب للجنس البشري:

“لأنه هكذا أحب الإله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية (يوحنا 16:3).

– المانح والمعطي:

فهو يعطي الجميع بسخاء ولا يعير “إن كنتم وأنتم أشرار تعرفون ان تعطوا أولادكم عطايا جيدة فكم بالحري أبوكم الذي في السموات يهب خيرات للذين يسألونه” (مت 11:7).

“كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار” (يعقوب 17:1).

– الصديق والرفيق المرشد في الطريق:

فهو يشتاق لعلاقة وثيقة بينه وبين الانسان ويحب ان يرشده الى الطريق الصحيح.

“ويدعي اسمه عجيباً مشيرا..”

“اعلمك وارشدك الطريق التي تسكلها، انصحك عيني عليك” (مز8:32).

– الرحيم الغفور:

“الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة لا يحاكم الى الابد ولا يحقد الى الدهر لانه مثل ارتفاع السموات فوق الارض قويت رحمته على خائفيه كبعد المشرق عن المغرب ابعد عنا معاصينا” (مز103 : 8-12 ) .

– الاله الصالح

الرب صالح للكل ومراحمه على كل أعماله.

– الاب السماوي:

فهو يشتاق ان ندعوه يا ابا الآب ونعيش معه كالبنين مع ابيهم.

“وأكون لكم اباً وانتم تكونون لي بنين ونبات” (2كو18:6).

“انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى تدعى اولاد الإله ” (1يو1:3) .

أب الأيتام :

“ابو اليتامى  وقاضي الارامل الإله في مسكن قدسه مسكن المتوحدين في بيت (مز5:68-6).

– الراعي الصالح:

“الرب راعي فلا يعوزني شيء” (مز1:23).

“الرب هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف” (يو11:10).

– المعزي ومانح السلوى:

“مبارك الإله ابو ربنا يسوع المسيح ابو الرأفة واله كل تعزية الذي يعزينا في كل ضيقتنا” (2كو1 : 3،4) “كإنسان تعزيه امه هكذا أعزيكم أنا” (أشعياء13:66).

– الحافظ والحارس:

“بخوافيه يظلك وتحت اجنحته تحتمي” (مز4:91) “لا ينعس حافظك” (مز3:121).

– الرب الحنان المتعاطف معنا

“فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال ايها الشاب لك اقول قم فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه الى امه” (لوقا 13:7-15).

– الاله القدير

“وقال له انا الإله القدير سر أمامي وكن كاملاً” (تك1:17).

– الاله الامين:

“ان كنا غير امناء فهو يبقى امينا لن يقدر ان ينكر نفسه” (2تيمو13:2).

– الثابت الذي لا يتغير:

“هي تبيد وانت تبقى” (مز26:102).

“… الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران” (يع17:1).

وصفات أخرى كثيرة يحدثنا عنها الكتاب المقدس لذلك لا بد ان نبني ايماننا بالإله على الحق الكتابي اذ ان الايمان بالخبر والخبر بكلمة الإله.

ب. العلاقة الشخصية المباشرة بين الإله والانسان:

ابد ان بشارة الانجيل التي يحملها روح الإله الى قلب الانسان وذهنه ان تقوده الى علاقة شخصية مع الإله تبدأ بتوبة الانسان توبة حقيقية ورجوعه الى الإله كشخص خاطيء يحتمي في عمل المسيح الكفاري على الصليب اذ يؤمن بالمسيح ويقبله المخلص والفادي له ومن هنا يولد الانسان من جديد وينال حياة جديدة يستطيع بها ان يكون علاقة حية مع الإله.

فلا يمكن ان تكون للانسان علاقة شخصية مع الإله الا من خلال فداء المسيح وقوة دمه التي تستر خطية الخاطيء وتمنحه بر المسيح.

” فإذ لنا ايها الاخوة ثقة بالدخول الى الاقداس بدم المسيح طريقاً كرسه لنا حديثاً حياً بالحجاب أي جسده” (عبرانيين 19:10-20).

واللقاء الحقيقي مع شخص الإله لا بد ان يقود الانسان لمعرفة الإله ” ونحن ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف” لذلك دعونا نسأل انفسنا هل حقاً نلتقي بشخص الإله في خلوتنا به ام نكتفي بسكب طلباتنا وتضرعاتنا امامه فقط؟ هل نمكث امامه حتى يتراءى لنا ويعلن لنا عن ذاته هل نتركه يحدثنا عن نفسه وعن فكره، هل نترك له المجال كي يحدثنا بكلماته المحيية المشجعة؟ ام اننا نحده في صورة وقالب معين يقف عائقاً امام نور اعلانه لنا؟

إن اعظم طلبة يستطيع المؤمن ان يطلبها في صلاته هي تلك “وجهك يا رب أطلب”، وقد دعانا كاتب المزامير لذلك “اطلبوا الرب وقدرته. التمسوا وجهه دائماً فاننا كثيراً ما امتلأت صلواتنا بطلبات رائعة وغفلنا عن أهم واعظم طلبه وهي معرفة الإله نفسه.

نعم لقد كانت معرفة المسيح هي أغلى شيء يبحث عنه بولس الرسول فقد ردد هذه الكلمات الرائعة.

“لكن ما كان لي ربحاً فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة بل إني أحسب كل شيء أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي… واوجد فيه، لاعرفه وقوة قيامته وشركة الامة متشبهاً بموته” (فيلبي3 : 7-10 ).

والروح القدس هو الذي ينير عيون اذهاننا ويشرق في قلوبنا من خلال الكلمة المقدسة وفي وقت الصلاة فهو يأخذ مما للمسيح ويعطينا ويخبرنا بمجده وبمحبته لذلك من المهم والضروري ان تكون ارواحنا وعقولنا خاضعة للروح القدس وان نحرص على ان لا نحزنه في داخلنا حتى يتمم عمله فينا بكل سهولة ويسر من دون معوقات من جانبنا.

ج. معاملات الإله معنا من خلال الظروف والاحداث:

نعم انه لو بحثنا بتروي لوجدنا يد الإله الرحيمة بنا في كل ظروفنا ونعمه الكثيرة وحفظه لنا. وكم من مواقف كادت ان تعصف بحياتنا وأنقذنا هو منها باعجوبة. كم من صرخة في قلوبنا قد سمع لها وأتانا بالسلوى والعزاء.

فإن من احسانات الرب اننا لم نفني لان مراحمه لا تزول هي جديدة في كل صباح كثيرة أمانته.

ان الإله يحاول ان يتحدث الينا من خلال الاحداث وضغوط الحياة وهو يبقي ان تؤول كلها الى خيرنا والى معرفته المعرفة الحقيقية. ولكن بدون المعرفة الشخصية به وبدون ادراك واعي للمكتوب لا نستطيع ان نتفهم الاحداث ونفسرها بالطريقة الصائبة. فالإله لا يريدنا ان نبدأ بالاحداث والمواقف لنتعرف عليه بل ان نبدأ من عند نور الحق ولذة العشرة الشخصية به لنعرف حقيقته ثم بعد ذلك نستطيع ان نتفهم الاحداث وفقاً لهذا الادراك الروحي بشخصه.

بعض الصور المشوهة عن الإله:

1- اله القوانين الصارمة

الذي يحمل محاسبة دقيقة لكل ما نفعله ويتحين الفرصة عند اول منحنى نحيد فيه عن قوانينه لينزل بنا أقسى العقوبات بلا هوادة. وفي ذات الوقت يزيد مطاليبه يوماً بعد الآخر من دون ان يمد لنا يد العون.

2- الاله البعيد عنا جداً

الذي لايوجد عندما ندعوه. بل هو متربع على عرشه ينتظر ان نقدم له الذبائح والمحرقات ولا يبالي بنا.

3-الاله الذي يسلب كل الامور المفرحة في حياتنا اذا سلمنا له دفة الحياة

4- اله المحبة المشروطة

الذي لا يستطيع ان يمنح حبه ان لم ندفع له ثمناً لذلك.

5- الاله الذي يستغلنا لتحقيق مقاصده

ولا يعاملنا كأشخاص ذوي قيمة محبوبين لديه.

ومن المهم ان نقوم بمقارنة صادقة بين ما ذكره الكتاب المقدس عن صفات الإله الحقيقية وبين تلك الصور التي في أعماقنا، ذلك محاولة ان نرسم صورة الإله في داخلنا، او ان نصرح بانطباعاتنا عنه، وعند نقط الاختلاف بين هذه الصورة وبين ما صرح به الكتاب المقدس لا بد ان نقف وقفة جادة مع الإله ونتحدث اليه بكل صدق ووضوح ونشاركه مشاعرنا مهما كانت، وان كان هناك عتاب او مرارة او لوم داخلي تجاه الإله لا بد ان نعلنه في محضره بقلوب متضعة امامه، ونطلب عفوه واستنارة الروح القدس في قلوبنا كي نتحرر من كل المفاهيم المشوهة عن الإله وهكذا يترسخ الحق في ارواحنا.

فقد يذكرنا الروح القدس بمواقف معينة استغلها عدو الخير لزرع هذه الافكار المشوهة عن الإله وهكذا تفضح اكاذيب ابليس في نوره فنتحرر من هذه الاقتناعات الخاطئة ونقبل الحق المعلن في كلمة الإله الحية.

ولتكن هذه الكلمات هي صلاتنا الى الإله: أيها الإله انني الومك احياناً على امور لم تفعلها انت بل العدو. انني ظننت انك ضداً لي ولكنني اكتشفت انك ابي المحب الصالح الذي يفعل الافضل لي دائماً. من فضلك اغفر لي واعطني نعمة كي ازيل كل الحواجز التي بيني وبينك واعطني النور الذي فيه تفضح اكاذيب العدو الخبيث التي زرعها في ذهني عنك وافتح عيناي فأرى مجدك بوجه مكشوف آمين.

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments