عدم الإيمان

أستطيع أن أضع بين يدي القارىء قائمة بالخطايا التي يمارسها المؤمنون. الا ان تلك التي سأتحدث عنها تفوق كل الخطايا في أهميتها – هذه الخطية هي عدم الايمان!. فهي أم كل الخطايا، وأود في البداية أن ألفت انتباه القارىء الى ان الصفحات القادمة لا تتحدث عن عدم ايمان الخطاة المتصلبين او الرافضين او اللاأدريين (من يعتقدون بان وجود الإله وطبيعته واصل الكون امور لا سبيل الى معرفتها) او الملحدين لان عدم ايمانهم لا يزعج الإله نهائياً، ولكن ما يغضب الإله اكثر من أي شيء اخر هو الشك المزعج وعدم ايمان من يدعون أنفسهم باسمه! وكذلك أولاده الذين يقولون أنا ليسوع ومع ذلك يحتفظون بالشك والخوف وعدم الايمان في قلوبهم فهم يحزنون قلبه أكثر من كل الاشخاص الآخرين.

آه لو نعرف كم يأخذ الإله خطيئة عدم الايمان على محمل الجد! فيهوذا يحذر الكنيسة بهذه الكلمات: “فأريد ان اذكركم ولو علمتم هذا مرة ان الرب بعدما خلص الشعب من أرض مصر أهلك ايضاً الذين لم يؤمنوا (يهوذا 5).

نرى هنا ان يهوذا يذكرهم بموقف الإله تجاه عدم الايمان ويقول لهم: “ها اني اذكركم بكره الإله الشديد لعدم الايمان المتفشي بين شعبه الذي خلصه ان الرب بعدما خلص الشعب.. أهلك ايضاً الذين لم يؤمنوا”!.

يا أحبائي، أرى ان الإله يدعوني في هذا الوقت لأذكر كنيسته بالأمر ذاته! فهذه الامور جميعها أصابتهم مثالاً وكتبت لانذارنا نحن الذين انتهت الينا أواخر الدهور” (1كور11:10) فا للإله قد لا يهلك شعبه جسدياً في الوقت الحاضر كما كان يفعل في العهد القديم إلا أن دينونته على عدم ايماننا في هذه الايام هي دينونة روحية ولا تقل عن دينونة العهد القديم في شدتها! وبدلاً من ان يهلكنا الإله جسدياً اصبحنا الان نموت روحياً، فتكفيك نظرة واحدة في أيامنا هذه الى جموع المؤمنين المتشككين المتنازعين فيما بينهم والذين يعانون من الموت الروحي لترى صدق هذه الحقيقة. وبسبب تأرجحهم وترددهم وشكوكهم الدائمة فهم لا يتمتعون بفرح وسلام الرب ولم يعودوا متأسسين ومتأصلين فيه، لذلك امتلأت قلوبهم قساوة وعدم ايمان. وعدم الايمان مدمر في ايامنا هذه تماماً كما كان في السابق. فقد لا ترانا نتحول الى اعمدة من ملح، الا اننا نصبح غلاظ الرقاب، وقد لا ترى الارض تنشق فتبلعنا، الا ان متاعبنا واضطراباتنا ومشاكلنا العائلية هي التي تبلعنا، وقد لا تنصب علينا النيران وتهلكنا، الا ان حياتنا الروحية تتدمر.

نعم صحيح، فنحن لا نموت جسدياً الا ان هنالك اشياء أخرى بدواخلنا هي التي تموت فمحبنتنا تموت، شعورنا بالتبكيت يموت، ضمائرنا تموت، سلامنا يموت ورجاؤنا يموت. كل الاشياء التي تجعل مسيرتنا مع الرب يسوع جميلة وممتعة تموت بسبب خطية عدم الايمان.

يسبب لنا عدم الايمان الخوف من جميع انواع الخطايا، وقد دعا البيوريتانيون Puritans المتطهرون: (طائفة بروتستانتية ظهرت في انجلترا في القرنين السادس عشر والسابع عشر) تلك الخطايا بالخطايا القلبية وهي الخطايا المخبأة بدواخلنا، وبسبب عدم ايماننا تتولد لدينا الخشية من السقوط والعودة الى عادات كانت تسيطر علينا في الماضي كالشهوة والادمان والزنا والمقامرة والفسوق.

نجد الكثيرين في أيامنا هذه ممن هم مذنبون بأم الخطايا (عدم الايمان) وعلى الرغم من هذا فهم لا يخشونها.

نحن لا نأخذ عدم الايمان الذي نعاني منه على محمل الجد ونحيا حياتنا وكأن الإله يتغاضى عن هذه الخطية، ولذلك فهذه الخطية تعطي مجالاً لكل الخطايا الأخرى لتؤثر على أجسادنا وحياتنا الروحية.

وليسمح القاريء ان اتحدث عن أسباب الخطورة الكبيرة لهذه الخطية وما الذي يجعل الإله يكره وجودها وسط شعبه.

1) عدم ايماننا يجعل الإله كاذباً!

“… من لا يصدق الإله فقد جعله كاذباً لأنه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد الإله بها عن ابنه” (1يو10:5).

انظر لخطايا شعب الإله البشعة التي ارتكبها في البرية كالتذمر والشكوى وعبادة الاصنام وعدم الشكر والعصيان والشهوة الا انها جميعها لم تثر غضب الإله ولكن ما أغضب الإله هو عدم ايمانهم” وقال الرب لموسى حتى متى يهينني هذا الشعب وحتى متى لا يصدقونني بجميع الايات التي عملت في وسطهم” (عد11:14) بكلمات اخرى يقول الإله لموسى في هذه الاية “إن الشعب لا يصدق كل ما فعلته لهم فقد عملت المعجزة تلو المعجزة وانقذتهم من أيدي اعدائهم المرة تلو المرة فمتى سيثق بي هذا الشعب؟”

أيها القارىء الا تتوقف للحظة وتفكر في كل ما صنعه الإله لأجلك، فقد حفظك، واستجاب لهذه الطلبة وتلك وأعانك في أزمة هنا وأخرى هناك، وهو ايضاً قد أخرجك من وسط التجارب وأشبعك بالمن السماوي وفعل أمور كثيرة في حياتك إن تأملت فيها تجد انها ليست اقل من معجزات.

والآن ورغم كل هذا هل ما زلت لا تثق بانه في أزماتك ومتاعبك سيشجعك ويعضدك؟ قد تقول ان هذه الازمة أسوأ من مثيلاتها السابقة وانك لم تمر بأزمة مثل التي تمر خلالها الان ولكني اقول لك بل على العكس فقد مررت بأزمات كثيرة مثل هذه لكنه تدخل فيها جميعها وأنقذك بمعونته العجيبة المرة تلو المرة.

وفي كل مرة يخلصك يأمل منك ان تكون في المرة القادمة مطمئناً ومستعداً ومصلياً قائلاً: “أبي السماوي اسلمك هذا الامر ولن اقلق او اضطرب لانك انقذتني في كل مرة وانا اعلم انك ستنقذني هذه المرة ايضاً”

نسي اسرائيل كلمة الإله وغابت عن ذهنه كل معجزاته طيلة ثمانية وثلاثين عاماً، ولانهم كانوا دائماً يسقطون في التذمر وعدم الايمان قال الإله: “إني اضربهم بالوبا وأبيدهم” (عدد12:14). قال الإله لموسى لن احاول مع هذا الشعب مرة اخرى فلا فائدة من ذلك لانهم لن يثقوا بي أبداً.

عندما وصل اسرائيل منتصراً الى الجانب الاخر من نهر الاردن، صرح موسى ببيان هام قال فيه: “أنظر قد جعل الرب الهك الارض امامك. اصعد تملك كما كلمك الرب اله آبائك لا تخف ولا ترتعب.. لا ترهبوا ولا تخافوا منهم. الرب الهكم السائر امامكم هو يحارب عنكم. ولكن في هذا الامر لستم واثقين بالرب الهكم…. وسمع الرب صوت كلامكم فسخط واقسم قائلاً لن يرى انسان من هؤلاء الناس من هذا الجيل الشرير الارض الجيدة التي اقسمت ان اعطيها لآبائكم” (تث21:1-35).

أيها الاحباء ان الإله يعني كل كلمة يقولها وكل ما قاله لاسرائيل يقوله لنا. وأنا أسالك: أو لسنا نجلب غضب الإله على انفسنا إن نحن ايضاً تصرفنا بعدم ايمان؟

يكتـــب بولس الرسول: “… الحياة الابدية التي وعد بها الإله المنزه عن الكذب قبل الازمنة الازلية” (تيطس 2:1) ويقول كاتب العبرانيين: “لا يمكن ان الإله يكذب” (عب18:6). وفي ايامنا هذه يقول الإله لنا بوضوح “أستطيع وسأفعل” ولكن كيف نتجاوب نحن مع كلمته؟ نحن حالاً نتسائل هل يستطيع الإله ان يفعل ذلك؟ وهل سيفعل ذلك؟ كثيراً ما نقرأ كلمة الرب ونسمع بوعوده من المنابر ولكننا مع ذلك نتقهقر الى جحورنا ونضطرب لأننا لا  نراه يفعل حالاً ما نعتقد انه يجب ان يفعل من اجلنا فنرى كواهلنا مثقلة بالشك وعدم الايمان.

عندما لا نسمح لكلمته بأن تسكن بقوة في نفوسنا، وعندما نسمع وعوده الثمينة ونتصرف وكأننا متروكين عندها نجعل الإله يبدو كاذباً.

2) عدم ايماننا اليوم أسوأ لانه موجه نحو وعود أعظم!

“… هو (المسيح) وسيط ايضاً لعهد اعظم قد تثبت على مواعيد افضل” (عب6:8).

في ظل العهد القديم كل ما كان لاسرائيل هو الوعد ان الإله سيباركهم اذا ما اطاعوه اما اليوم وفي ظل العهد الجديد لنا وعد افضل: فهو يمنحنا القوة التي تمكننا من ان نطيعه وهذا “الوعد الافضل” يعني بأننا جميعاً سنعرفه. فليس لنا فقط رئيس كهنة يدخل الى حضرة الرب نيابة عنا بل ايضاً الحجاب قد انشق لنصفين وهكذا اصبح لنا جميعاً الدخول الى حضرة الرب.

انظر الى كل ما وعدنا

– نواميسه مكتوبة في قلوبنا وروحه يسكن فينا والرب يسوع نفسه دائماً معنا.

– مصالحة مع الإله، شفاء ورحمة وغفران من خلال التوبة الصادقة بايمان.

– القوة والسلطان لان نطلب اي شيء باسم يسوع لنا سلطان على الخطية وعلى الشيطان وكل آلة صورت ضدنا لا تنجح.

– لنا الثقة بالدخول الى الاب وبالتقدم الى عرش النعمة عند الحاجة، ولنا أيضاً النجاة من كل الشدائد والتجارب المحدقة بنا. لنا الاختبارات المستمرة لحضور الرب يسوع. لنا الارتياح عندما نسأل بثقة والسلام الذي يفوق كل تصور، والحرية طيلة ايام حياتنا من كل خوف، وفوق هذا كله لنا حياة الشبع.

كل هذه الامور قد وعدنا بها الرب ومع ذلك لا يزال بعض المؤمنين يعيشون في خوف وشك واضطراب دائم. فهم لا يصدقون الرب ولا يتمتعون بوعوده الثمينة ويتصرفون وكأن الرب لم يعد نهائياً بوعود ثمينة جداً كهذه.

في الواقع لا عذر لنا لنشك ونخاف كما شك وخاف أباؤنا، فاعداؤنا اليوم ليسوا الحثيين ولا اليبوسيين. ولكن اعداءنا هم الضيق والتجارب المتقدة من اجسادنا، وارهاق الجسد والذهن، والمجتمع المعقد العنيف والشرور الخفية الخبيثة التي لم تشهد الاجيال السابقة مثيلاً لها، ورغم ذلك كله فقد وعدنا الإله: حيث تكثر الخطية – رغم قوتها ومكرها – تزداد النعمة لنحارب هذه الخطية اكثر مما حاربتها كل الاجيال السابقة على مر التاريخ!

يقول بولس الرسول عن اليهود “من اجل عدم الايمان قطعت (رو20:11) يحذرنا الرسول بولس اليوم قائلاً: “لا تستكبر بل خف لانه ان كان الإله لم يشفق على الاغصان الطبيعية فلعله لا يشفق عليك ايضاً فهوذا لطف الإله وصرامتــــه. أما الصرامـــة فعلى الذين سقطوا واما اللطف فلك ان ثبت في اللطف والا فانت ايضاً ستقطع (رو 20:11-22).

ويحذرنا كذلك في رسالته الى العبرانيين، “انظروا ايها الاخوة ان لا يكون في احدكم قلب شرير بعدم ايمان في الارتداد عن الإله الحي” (عب12:3).

فاعتقادك بانك قديس وبار لا يهم اذا لم يكن لك ايمان بالكلمة الحية وتحيا بها وتجعلها جزءاً من حياتك فأنت معرض لخطر الابتعاد عن الإله.

فتش الكتاب المقدس وانظر، فليس هناك اي حادثة نقرأ عنها حيث احتمل فيها الإله عدم الايمان. فلقد ادان الإله هذه الخطية في كل واحد من أبنائه في كل جيل، ابتداءً من حواء التي شكت في صدق امر الإله في الجنة، ثم انتقل الى ذلك الرجل النبيل الذي ارتعب حتى الموت لانه لم يصدق كلمة الرب بان السامرة التي كانت تتضور جوعاً ستفيض بالطعام في اليوم التالي. ثم تأمل زكريا – أبا يوحنا المعمدان – الذي اصيب بالخرس  لانه لم يصدق كلمة الإله التي وجهت اليه. ثم انظر لهذا العقاب في ايام الرب يسوع: “لم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم ايمانهم” (متى 58:13).

عندما تقرأ الكتاب المقدس فانك لن تجد على الاطلاق حادثة واحدة تغاضي فيها الإله عن عدم الايمان وهو ايضاً لن يتغاضى عن هذه الخطية في أيامنا الاخيرة هذه!

3) نحن نخسر كثيراً مما نسمع من وعظ لسبب عدم الايمان

“… لم تنفع كلمة الخبر اولئك اذ لم تكن ممتزجة بالايمان في الذين سمعوا” (عب2:4).

هل سبق لك وان سألت نفسك لماذا كان التلاميذ يجهلون اساليب الرب يسوع ويجهلون اهداف الإله الابدية؟ ولماذا بقي التلاميذ عمياناً حتى بعد ثلاث سنوات من تلقي الوعظ من فادي العالم الرب يسوع، وكانوا ايضاً غير مهيئين لما هو آت؟ ولقد تفكرت وتحيرت في هذا مراراً وتكراراً لعلني اجد جواباً عما هو سبب محدودية فهمهم للصليب وللقيامة؟

ولقد توصلت للاجابة بأن السبب هو انهم لم يستمعوا بإيمان لما كان يقوله الرب يسوع.

وفي مرات عديدة كان الرب يوبخهم على عدم ايمانهم: “أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الايمان بجميع ما تكلم به الانبياء” (لو25:24).

ومرة أخرى قال لهم: “ما بالكم خائفين يا قليلي الايمان؟ (متى 26:8). فقد كان ايمانهم قليلاً وقلوبهم بطيئة الفهم لتؤمن بكلمته، ولذلك بقى التلاميذ فارغين غير مهيئين ومرتبكين وقد أعماهم عدم الايمان.

واذا كان يسوع قد تعجب لعدم الايمان في ايامه على الارض فماذا تراه يقول عن عدم ايماننا نحن؟ لقد تابت نينوى بعد عظة واحدة وعظها يونان وآمنت بكل كلمة قالها، بينما ترى في وقتنا الحاضر دولاً ومدناً تسمع الاف العظات على فم وعاظ امناء دون فائدة.

لقد أسست كنيستي منذ ست سنوات ورغم حداثتها الا ان المؤمنين فيها قد اتخموا وعظاً لانه لو حضر الفرد عبر السنوات الست الماضية اجتماعاً واحداً فقط من الاجتماعات الاربعة التي تعقد اسبوعياً، لكان قد سمع ما يزيد على ثلاثمائة عظة خلال تلك المدة. ومع ذلك أتساءل: هل يتذكر الحضور شيئاً مما سمعوه او هل يطبقونه على حياتهم الروحية ويحيون بحسبه؟

اذا لم تمزج كلمة الرب بايمان واذا لم نطلب من الرب بايمان ان يعيننا على ان نحيا بكلمته، فسينتهي بنا المطاف الى ان يختار كل واحد ما يعجبه فقط وبهذا يختار الواحد منا التعزيات والبركات والوعود ويهمل التوبيخ والتحذير والمطاليب.

إنها حقاً الثقة وليس سواها هي التي تجعل كلمة الإله تعمل في ارواحنا والايمان يحفرها بدواخلنا وفي أذهاننا حتى لا ننساها ابداً.

4) عدم الايمان يحرمنا من العلاقة الحميمة مع الإله

كثيراً ما نعظ في كنائسنا عن العلاقة الحميمة مع الإله أثناء الصلاة وعن قضاء أوقات طويلة مع الرب. ومن الممكن ان تصلي ساعات طويلة جداً في اليوم الواحد باكياً وصارخاً ومتشفعاً، وقد تتشفع لحاجات في كافة انحاء العالم. وقد تطوف بيتك جيئة وذهاباً مصلياً ومحدثاً الرب عن عمق محبتك له – ورغم ذلك كله قد يكون كل ما فعلت قد ذهب سدى وبلا فائدة ومعنى تعود تقول: من يصلي لفترات طويلة كهذه، بالتأكيد سيحصل على الفرح والسلام. ولكني أقول لك: لا، فكل صلوات العالم لن تجدي نفعاًُ مالم تكن ممزوجة بالايمان! ولكن بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لانه يجب ان الذي يأتي الى الإله يؤمن بانه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه” (عب6:11).

بإمكانك ان تصلي وتصوم لمدة ثلاثة ايام او حتى ثلاثة اسابيع ولكن دون ايمان لن ترضي الإله، فكل ساعات الصلاة التي قضيتها، كل التماسك، وكل مجيئك للرب سيذهب قبض الريح مالم يكن قلبك راسخاً بالايمان! “ولكن ليطلب بايمان غير مرتاب البتة لان المرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وتدفعه. فلا يظن ذلك الانسان انه ينال شيئاً من عند الرب” (يع6:1-7).

إن كنت تقضي ساعتين مع الرب ولا تؤمن بانه سيستجيب لك فإنك بذلك تضع الإله في موقف محرج لساعتين. قد تجعلك الساعتان تشعر بالارتياح والقداسة ولكنك في الواقع تضيع الوقت وتعطي للرب ساعتين من الشك وعدم الايمان وخير لك لو قضيت ذلك الوقت في التنزه او التسوق.

أعرف بعض المؤمنين الذين يقولون انهم يصلون يومياً، وأحياناً يبكون امام الرب، ورغم ذلك لا يختبرون أي شيء، فهم يبقون مكتئبين ومنقبضي الصدر وحياتهم في اضطراب. كل ذلك لانهم احرجوا الرب بقدومهم لمحضره غيـــر مقتنعين بانه سيفعل ما وعد به! لذلك اقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا ان تنالوه فيكون لكم” (مر24:11) “وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه” (متى 22:21).

لقد امضى بنو اسرائيل أكثر من ثمان وثلاثين سنة وحدهم مع الإله، هل تتخيل ذلك؟ وكان ذلك يشبه اقامة اجتماعات يومية في الكنيسة. كان تابوت العهد في وسطهم، كانوا يقدمون ذبائح في كل يوم ويتقدمهم عمود النار ومعهم ذلك الواعظ الذي تحدث مع الإله وجهاً لوجه، ومع ذلك فقد كان الإله غاضباً عليهم – لقد أمات الرب جميعهم. لقد ماتوا جميعاً في البرية بسبب غضب الرب عليهم وذلك لان عدم الايمان والشك قد ملاهم يقول الكتاب عنهم: “وجميعهم أكلوا طعاماً واحداً روحياً وجميعهم شربوا شراباً واحداً روحياً، لانهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح” (1كو3:10-4). فبالرغم من كل تلك البركات والعطايا لم يكن عندهم ايمان لقد امضوا طيلة فترة حياتهم في جحيم من الخوف واليأس والشك كانوا قد صنعوه بأيديهم!

اعتقد ان غالبية المؤمنين في يومنا هذا يعيشون كعالات روحية. كثيرون لم يعودوا يرغبون بممارسة ايمانهم لسبب امور حدثت جعلت الشك في محبة الرب يساورهم. قد تكون احدى تلك الامور وفاة شخص عزيز على قلوبهم او حادث ازهق حياة مؤمن رائع احبوه، أو حتى مرض قاتل اودى بحياة طفل وديع محبوب رغم ان أبوا الطفل قد منحا كل ما يملكانه للرب.

كثيرون يقولون: أنا لا افهم هذا: كيف أثق بالرب بينما لا افهم لماذا يسمح لامور كهذه ان تحدث؟ وفي الحقيقة ليس هناك من جواب بشري لحيرتهم وارتباكهم. واصبحوا مثل صهيون يشتكون “قد تركني الرب وسيدي نسيني” (أش14:49). ولكن الإله يعلم الجواب منذ البداية وفقط في السماء سنفهم لماذا عصفت بنا هذه الرياح وتقاذفتنا تلك الامواج ولماذا سمح الرب بكل هذه الاشياء. والجواب الذي نحتاجه في الوقت الحاضر يعطينا اياه النبي اشعياء: “هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها. حتى هؤلاء ينسين وانا لا انساك. هوذا على كفي نقشتك. أسوارك امامي دائماً. قد اسرع بنوك. هادموك ومخربوك منك يخرجون” (أش15:49-17).

كثيراً ما عجزت عن تفسير وفهم العديد من المصاعب والتجارب التي آلمت جسد الرب ولكن الإله يقول في كلمته: “انت إبني وعلى كفي نقشتك ثق بي”.

دعني أحدثك عن علاج عدم الايمان

لقد بحثت وفتشت في كتبي ومراجعي عساي أجد علاجاً، وفعلاً وجدت عدة طرق “لعلاج” عدم الايمان، الا ان واحداً منها لم يلمس قلبي فطلبت من الرب شيئاً بسيطاً فأعطاني فكرتين بهما أستطيع نزع عدم الايمان من قلبي:

أولاً: تعال بكل قلقك وخوفك واحمالك الى الرب يسوع والقها على منكبيه!

“ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم” (1بط7:5).

أيها المحبوب هذه هي كلمة الرب الشخصية لك وهي دعوة وطلب موجه منه: ضع كل أثقالك علي ولا تحملها ساعة واحدة بعد ذلك، أنا اعتني بكل ما يحصل لك، وانا استحق ان تثق بي.

لقد دعاني احدهم قبل فترة ليست ببعيدة وكان في حالة ياس محتاجاً للتشجيع إلا انني في ذلك اليوم كنت منهمكاً جداً لحد لا يمكن معه تقديم المساعدة. فقد كنت خائر القوى بسبب عدة مشاكل لذا اجبت ذلك الرجل: “اسف ارجو ان تتصل في وقت لاحق فانا لا اقدر ان اقدم لك يد العون في الوقت الحاضر”. ولكن اشكر الإله لان قواه لا تخور ولا ينهمك ابداً  فمنكبيه يحملان أثقال كل ابن من أبنائه وهو يقول لنا: “الق على الرب همك فهو يعولك. لا يدع الصديق يتزعزع الى الابد” (مز22:55).

اقرأ قائمة احتياجاتك واتعابك وقل للرب “اسلمك هذا وذاك ايضاً. أسلمك هذا وذاك ايضاً. اسلمك هذا العبء.. هذه المشكلة.. أيضاً هذه العلاقة…” واقتنع تماماً بانه هو يعتني.

ثانياً: انطلق بايمان كامل معتمداً على كلمة الرب المكتوبة وخذ على عاتقك هذا التحدي بان تحيا بحسب كلمة الرب.

ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الإله (مت4:4) يتوجب عليك ان تملك الايمان لتقول سأحيا واموت طائعاً كلمة الرب.

أريد ان أسألك هذا السؤال: كيف لنا ان نثق بكلمة الرب التي تخبرنا عن خلاصنا الابدي وفي ذات الوقت ان لا نثق بكلمته فيما يخص احتياجاتنا اليومية ومشاكلنا؟ فنحن نؤمن بالرب في الجانب الصعب فلماذا لا نثق به انه قادر على ارشادنـــا ومنحنا الغلبة على الخطية. “والقادر ان يحفظكم غير عاثرين ويوقفكم امام مجده بلا عيب في الابتهاج” (يهوذا 24) الإله في هذه الاية يقدم لنا وعداً فلنترك له ان يتولى حفظنا دون بذل الجهد مفكرين في كيفية عمل ذلك، فقط ثق في كلمته وصل ببساطة قائلاً: “ربي لقد وعدت بان تحفظني من السقوط لذا فاني أضع كل أيامي القادمة بين يديك متكلاً على وعدك ومن الان فصاعداً العمل عملك وليس عملي”.

اذهب للرب وقل له إنني أبني كل حياتي عليك وسأحيا وأموت واضعاً كلمتك نصب عيني ومعولاً على وعودك الثمنية لي.

ومن الآن فصاعداً انت لن تحيا تحت الشعور بالذنب او الدينونة. لن تقلق ولن تضطرب ولن يقض مضجعك اي امر بل سترتاح وتنام ملء جفونك لانك تثق في وعود الرب لك.

أره انك تثق بكل كلمة من كلماته والرب يباركك.

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments