ان السلوك امام الرب بقلب كامل امر ممكن قال الإله لابراهيم كما قال الإله للشعب القديم “تكون كاملاً لدى الرب الهك (تث:13:18) وقد اتخذ داود تصميماً قلبياً ان يطيع هذا الامر قال “اتعقل في طريق كامل، متى تأتي الي أسلك في كمال قلبي في وسط بيتي. (مز101 : 2 ).
كما يوضح لنا الكتاب المقدس ان سليمان قد قصر في اطاعة امر الإله في ان يكون كاملاً وكان في شيخوخة سليمان ان نساءه أملن قلبه وراء الهة اخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب الهه كقلب داود أبيه، فذهب سليمان وراء عشتورث آلهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين، وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماماً كداود أبيه” (1 مل 4:11-6) ويأمرنا الرب أيضاً في العهد الجديد أن نكون كاملين. قال يسوع “فكونوا انتم كاملين كما ان أباكم الذي في السموات هو كامل” . (متى 48:5).
كتب بولس “لكي نحضر كل انسان كاملاً في المسيح يسوع” (كو28:1). كما قال في نفس الرسالة”.. لكي تثبتوا كاملين وممتلئين في كل مشيئة الإله (كو12:4).
وقال بطرس واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الأبدي في المسيح يسوع بعدما تألمتم يسيراً هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم” (1 بط 10:5).
لا يعني الكمال خلو القلب من الخطايا والنقائص. يحكم الانسان حسب المظاهر الخارجية التي يراها. لكن الإله يحكم حسب القلب، حسب الدوافع غير المنظورة (1 صم7:16) قيل انه كان لداود قلب كامل تجاه الله “كل أيام حياته” رغم انه خذل الرب مراراً، وقد التصقت به خطية الزنى وجريمة القتل الشهيرة.
إن التعريف الاساسي للكمال هو التمام والنضج، ويشمل التعريف في اللغتين العبرية واليونانية الاستقامة والخلو من العيب والدنس، كما يشمل الطاعة. انه يعني اتمام ما قد بدأ أي عملاً او اداءاً كاملاً وقد دعاه ويسلي “الطاعة الدائمة”. القلب الكامل قلب متجاوب، انه يستجيب بشكل كلي وسريع لتحذيرات الإله وانذاراته وهمساته. يقول هذا القلب “تكلم يا رب لان عبدك سامع. أرني الطريق وأنا سأسلك فيه”.
القلب الكامل امر ممكن يريدنا الإله ان نسعى لامتلاك هذا القلب والمسيح يلزم نفسه بالالتصاق بالذين يسلكون أمامه بقلوب كاملة متجاوبة هناك ثلاثة امور تميز القلب الكامل.
القلب الكامل قابل للفحص
“الرب يفحص كل القلوب” (1 أخ 9:28) القلب الكامل يصرخ مع داود “اختبرني يا الهي واعرف قلبي، امتحني واعرف افكاري وانظر ان كان في طريق باطل وإهدني طريقاً أبدياً ” (مز 23:139 ، 24).
قال الإله لارميا “انا الرب فاحص القلب مختبر الكلى (ارميا 10:17) والكلمة العبرية هنا تعني “انا اخترق وادرس بعمق”. يقول الكتاب “لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الإله ” (1 كو10:2).
يتحدث يسوع في (رؤيا 24:2) عن اعماق الشيطان وعن الانحدار الى عمق الخطية. فهو يقول ان الشر يتغلغل الى اعماق الروح، وان له جذوراً تضرب في الجحيم قال داود عن الاشرار “يخترعون إثماً، تمموا اختراعاً محكماً. وداخل الانسان وقلبه عميق”. (مز 6:64) “لان الزانية هوة عميقة والاجنبية حفرة ضيقة” (أمثال 27:23).
تمثل هذه الاعداد تحذيرات مقدسة، فكانها تقول لنا: “أنتم لا تدركون كيفية تأثير ارتباطكم العميق بالشر عليكم، فهو يجركم الى اعماق الشيطان نفسه، اعماق مجهولة عميقة بلا قاع. وهذا الطريق يؤدي الى الجحيم”.
لقد أصبحت الخطية في هذه الايام الاخيرة معقدة، غامضة، حسية، متطورة، انها تأتي متخفية في ثوب الفن والثقافة والتعليم. وإنني اعتقد انه قد أصبح للخطية أبعاد جديدة الان، وقد اصبح لها جذور أقوى وأعمق حتى أن أولادنا يواجهون الان ابعاداً وأشكالاً من الخطية لم نعرفها قط، ولن نعرفها أبداً. “ويل للذين يتعمقون ليكتموا رأيهم عن الرب فتصير أعمالهم في الظلمة” (أشعيا15:29).
يريد القلب الكامل من الروح القدس ان يأتي ليفحص اعماق الانسان الباطن ويشع داخل المناطق المخفية، ويبحث عن كل ما هو مخالف للمسيح ويخرجه ويعرضه لنوره. لا تستطيع المواعظ الضحلة ان تصل الى مثل هذا العمق لتقوم بهذا العمل المبكت. فالذين يخفون خطية ما لا يريدون ان يبكتوا او ان تسبر أغوارهم.
جاءني أحد الاخوة باكياً بعد احد اجتماعات الصلاة. كان قد ترك كنيستنا لانه احس بأن كلمة الإله التي نعظ بها تخترق نفسه أكثر مما كان يحتمل، رغم انه كان يسير مع الرب بطريقة ما وينمو رغماً عنه، بدأ يتردد على كنيسة أخرى حيث كانت المواعظ ناعمة، وسرعان ما رجع هذا الاخ الى خطاياه القديمة، فبدأ يتراخى في عمل الرب والكنيسة، وبدأت حياته الروحية تتراخى. قال له الاخوة هناك بان اموره تسير على خير ما يرام – لكنه كان اكثر ادراكاً لواقع الامر منهم! فقد كان يزداد إنغماساً وتعمقاً في خطاياه القديمة. وفي اجتماع الصلاة المذكور رجع الى كلمة الإله النقية كان يجلس الى جانبه في تلك الليلة رجل مقعد مع زوجته كانا قد جاءا من مسافة بعيدة لانهما ارادا ان يستمعا الى كلمة مبكتة. كان هذا الرجل يتوق الى ان يهز الإله كيانه. قال “لقد مر وقت طويل لم أسمع فيه رسالة بكتتني كما حصل اليوم” إن أعداداً هائلة من المسيحيين اليوم تريد غطاء الدم… لا تطهيراً! يعطينا الطقس الذي كان يمارس في خيمة الاجتماع في العهد القديم مثالاً لنوعية السلوك الذي يجب ان تتمتع به الكنيسة مع الإله .
كان لخيمة الاجتماع ساحة خارجية حيث كانت تذبح الحيوانات التي ستقدم ذبيحة الإله كان دمها يشكل غطاء الخطية لكن كان هناك أيضاً في الخارج مرحضة حيث كان يحصل التطهير.
لم يكن بإمكان اي كاهن ان يدخل قدس الاقداس ليتصل بالإله وجهاً لوجه دون أن يتطهر، لان ذلك كان أحد متطلبات الدخول الى ذلك المكان المقدس.
إن البشارة كما نسمعها اليوم تقول شيئاً شبيها بهذا “ما عليك الا ان تذهب الى المذبح وتثق بالدم المسفوك هناك، ثم ادخل بشجاعة الى قدس الاقداس، فالحجاب قد تشقق ابوك يحبك، وهو في انتظارك، ولا يرى فيك الا يسوع”. إن المؤمنين الذين يحملون مثل هذا الاعتقاد يعتقدون ان بامكانهم ان يتجاهلوا المرحضة.. والتي ترمز بالنسبة الينا للاغتسال بماء الكلمة يظنون ان بامكانهم ان يتجاوزوا مطلب التطهير للدخول الى قدس الاقداس، فتكون النتيجة انهم يدخلون قدس الاقداس والخطايا تغطي رؤوسهم والعادات الاثمة متجذرة في قلوبهم، ومع هذا فانهم يتباهون قائلين” “انا بر الإله في المسيح”.
يسعى القلب الكامل الى ما هو اكثر من الامان او تغطية للخطية! انه يسعى الى أن يكون في حضرة الإله ليكون في شركة معه! والشركة هي التحدث مع الإله في رفقة عذبة وطلب وجهه. وهذا ما يتم في قدس الاقداس. ويكون حسب الترتيب التالي: التغطية، التطهير، التكريس، الشركة.
غير أن كثيرين من المؤمنين لا يريدون اكثر من غطاء. تذكرة سريعة للمجد! دون ألم او صليب او تطهير! يقولون “انا تحت الدم، تحت الدم! انا آمن تحت الدم!” لكنهم يستشهدون بنصف العدد فقط” ودم ابنه يسوع المسيح يطهرنا من كل خطية” (1 يوحنا 7:1) بينما يجب ان تقرأ كلها “ان قلنا ان لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحــق ولكن ان سلكنا في النور كما هو في النور، فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهــرنا مــن كــل خطية” (يوحنا الاولى 6:1 ،7) قال يسوع أنتم الان انقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به”. (يوحنا 3:15).
نسمع وعظا يقول “ليس هناك حاجة بك الى ان تفحص، فخطيتك كلها تحت الدم. ولا يعود عليك البحث عن الخطايا وفحص الذات الا بالدينونة والاحساس بالذنب”.
رغم ان الكتاب المقدس يقول بأن قلب داود كان كاملاً، فقد صرخ داود “اختبرني يا الهي”
يقول يسوع في (رؤيا 23:2) “ستعرف جميع الكنائس اني انا هو الفاحص الكلى والقلوب، وسأعطي كل واحد منكم بحسب اعماله” أيها الاحباء، لقد كان يخاطب الكنيسة!.
لا يقصد الرب من وراء فحصه لنا عقابنا وانما فداءنا ليس قصده ان يمسكنا متلبسين بالخطية او ان يديننا.. ولكنه يقصد ان يحضرنا للدخول الى محضره آنية طاهرة نقية” من يصعد الى جبل الرب، ومن يقوم في موضع قدسه، الطاهر اليدين والنقي القلب الذي لم يحمل نفسه الى الباطل ولا حلف كذبا، يحمل بركة من عند الرب وبرا من اله خلاصه (مز 3:24-5).
القلب الكامل قلب مكتمل
كتب صاحب المزامير “عليك اتكل آباؤنا. اتكلوا فنجيتهم، اليك صرخوا فنجوا. عليك اتكلوا فلم يخزوا” (مز 4:22 ،5) شهد داود مراراً وتكراراً “على الرب توكلت (مز 1:11) “يا الهي عليك توكلت (مزمور 2:25) ويعني الجذر الاصلي لكلمة يتوكل باللغة العبرية ان يلقي المرء نفسه من على قمة عالية.. أي أن يكون كالطفل الذي يسمع والده يقول له اقفز، فيطيعه بكل ثقة ملقياً بنفسه عن الحافة بين ذراعي والده.
هذا أحد جوانب التوكل، ولقد وصل بعضكم الى هذه المرحلة فانتم تقفون على الحافة مترنحين، ولا يوجد لديكم أي خيار آخر غير القفز عن الحافة. لتلقوا بأنفسكم بين ذراعي يسوع!.
لقد استسلم البعض لأوضاعهم: وما هذا في واقع الامر الا الايمان بالقدرية. يسمون ذلك توكلاً، وهو ليس كذلك، فهو نوع من الحذر، التوكل أكثر بكثير من الاستسلام السلبي، انه الايمان النشط العامل.
لقد جعل البعض الرب وكأنه نوع من شركات المطافي والانقاذ الكونية. فكأن الشيطان قد اشعل النار في بيتك، وقد أصبحت معزولا على السطح صائحاً “انجدني يارب! خلصني! فيأتي الرب مصحوباً بملائكته الذين يحملون شبكة كبيرة ويقول “اقفز! فتقفز بينما يحترق البيت كله، وتقول له اشكرك يارب لانك اخرجتني من البيت!”.
يحدد كثيرون منا ثقتهم في الإله، فيقصرون قدرته على القيام بعمليات الانقاذ هذه فقط. فكاننا نقول للرب “أنا اثق بأنك تأتي وتطفيء كل حرائق حياتي وتخلصني من كل متاعبي وتنقذني من كل تجاربي. وأنا أعرف انك ستكون موجوداً عندما أحتاجك”.
عندما نفعل هذا، فاننا نتخيل أن ايماننا قد بلغ مداه، وأنه مرضي للإله. لكننا لا ندرك بأننا ننسب للشيطان كل ما حدث، وبأننا نقول بأن الرب لم يكن سوى صاحب رد الفعل. نرى الشيطان كسبب لتجاربنا وعذاباتنا وظروفنا الصعبة وكمخطط لها، ونؤكد قائلين: “الشيطان هو الذي سببها!”.
ان هذه النظرة تصور الإله على انه مجرد صاحب رد فعل لخطط ابليس المحكمة لكن الهنا لا يعمل أبداً كرد فعل وانما يبدأ ويبادر. اذا كنت تسلك سلوكاً صحيحاً مع المسيح، فلست ألعوبة في يد الشيطان! ليست لديه حرية الوصول اليك لمضايقتك او ايذائك، هل اكون أباً صالحاً اذا اعطيت احد الاشرار حرية في ايذاء اي طفل من اطفالي؟ غير اننا دائماً نقول: “لقد فعل الشيطان بي هذا الامر.. أغلق هذا الباب في وجهي.. اصابني بهذا المرض او تلك المصيبة!”.
أيها المؤمن، أين أبوك السماوي؟ أهو نائم؟ ألا يهتم بك؟ هل ترمي الى القول بأن أباك السماوي يتركك فريسة سهلة للقتلة واللصوص والمغتصبين؟ لا يمكن ان يحدث هذا أبداً.
لم يكن بامكان الشيطان ان يمس أيوب دون اذن الإله، لو ان الإله قام بتخفيض سور الحماية حول أيوب لكان الشرير قد قتله! يخبرنا الكتاب المقدس ان يسوع قد اقتيد من الروح ليجرب من الشيطان (متى 1:4).
الهنا دائم السيطرة على الامور. لم يكن الشيطان في يوم من الايام، ولن يكون ولو للحظة واحدة، خارج سيطرة قوة كلمة الإله!
أعلن المسيح نفسه لبولس على انه الذي يفتح “عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الإله ” (أعمال 18:26) جاء رسول من الشيطان ليضايق بولس، ولم يكن هذا ليحدث الا لأن الإله سمح بذلك، لم يكن الإله يريد لخادمه ان ينتفخ بالكبرياء بسبب الاعلانات العظيمة التي تلقاها. كان الإله مسيطراً على الوضع.
حاول بولس أن يذهب مرتين على الاقل الى تسالونيكي “وانما عاقنا الشيطان” (تسالونكي الاولى 18:2).
غير ان الشيطان لم يستطع ان يوقف عمل الإله، فالمؤمنون في تسالونيكي أصبحوا فيما بعد اكليل فرح لبولس.
يقول القلب المتوكل “كل خطواتي مرسومة ومثبتة من قبل الرب! هو أبي المحب يسمح بالمعاناة والتجربة.. لكن بحيث لا تتجاوز مطلقاً قدرتي على احتمالها. فهو دائماً يعطي المنفذ! لديه خطة أبدية لحياتي وقصد لها. أحصى الله شعر رأسي، أحصى كل خلية في، وشكل كل أعضائي عندما كنت في أحشاء أمي. يعرف جلوسي وقيامي ونومي، انا قرة عينه، هو رب وسيد، ليس على حياتي فحسب، وانما على كل حدث ووضع يمس حياتي أيضاً! الهنا مسيطر على كل شيء.
القلب الكامل قلب منكسر
ظننت في يوم من الايام أني أعرف معنى انكسار القلب، اعتقدت بأني اختبرت قدراً كبيراً من الانكسار.. الى أن فتح الروح القدس عيني على معنى هذه الكلمة.
قال داود “قريب هو الرب من المنكسري القلوب ويخلص المنسحقي الروح (مز18:34) وقال ايضاً “ذبائح الإله هي روح منكسرة القلب المنكسر والمنسحق يا الهي لا تحتقره”. (مز17:51).
الانكسار شيء أكثر من العويل والحزن والروح المنسحق والتواضع. فكثير من الذين يبكون غير منكسري القلوب، كثيرون من الذين يسجدون امام الإله ويئنون غير منكسري الروح. يطلق الانكسار الحقيقي في القلب اعظم قوة يمكن ان يودعها الإله في الانسان.. قوة اعظم من تلك القوة اللازمة لاقامة الموتى، واعظم من القوة التي تطرد المرض!.
تحدث روح الإله لقلبي فقال “سأريك ما يعتبره الإله انكساراً قلبياً.. حتى اتمكن من ان اطلق فيك القوة التي تحتاجها وقت الانهيار! انها قوة تعيد البناء وترمم الحطام.. انها قوة تمجد ربنا على نحو خاص في الاوقات العصيبة!.
للانكسار علاقة بالاسوار – الاسوار المتداعية المتهدمة، المحطمة “ذبائح الإله هي روح منكسرة، القلب المنكسر والمنسحق يا الهي لا تحتقره، أحسن برضاك الى صهيون، ابن اسوار اورشليم” (مز 17:51 ،18) لقد ربط الإله ما بين اسوار أورشليم وانكسار القلب.
سأعطيكم مثالاً للانسان المنكسر القلب حقا. وخرجت من باب الوادي ليلاً امام عين التنين الى باب الدمن، وصرت أتفرس في أسوار اورشليم المنهدمة وابوابها التي اكلتها النار، وعبرت الى باب العين والى بركة الملك، ولم يكن مكان لعبور البهيمة التي تحتي، فصعدت في الوادي ليلاً، وكنت أتفرس في السور ثم عدت فدخلت من باب الوادي راجعاً” (نحميا 13:2-15).
تفرس نحميا في الاسوار في عتمة الليل. والكلمة العبرية المستخدمة هنا هي شبر، وهي نفس الكلمة المستخدمة في (مز 17:51) للقلب المنكسر.
يميل البعض الى الاعتقاد بان نحميا انكسر عندما قال “فلما سمعت هذا الكلام جلست وبكيت ونحت أياماً وصمت وصليت امام اله السماء” (نحميا 4:1) غير ان بكاءه واعترافه بخطاياه لم يكونا الا بداية الانكسار. لم يكتمل انكسار قلب نحميا الى ان جاء الى اورشليم ورأى الدمار.. وقرر ان يفعل شيئا حياله!.
كان بامكان نحميا ان يبقى في بلاط الملك في قصر شوشن تنتابه نوبات بكاء وفترات انتحاب وايام صوم واعتراف وصلاة دون ان يكون لديه قلب منكسر!
انتشر خبر مفاده أنه “جاء رجل يطلب خيراً لبني اسرائيل” (نحميا 10:2) قال نحميا “ولم أخبر احداً بما جعله الهي في قلبي لأعمله في اورشليم” (نحميا12:2).
ركب بهيمة ودار حول الاسوار المنهدمة وتفرس فيها والمعنى المراد في اللغة العبرية هنا هو ان قلبه كان ينكسر بطريقتين:
كان ينكسر اولاً من اللوعة والاسى على الاسوار المنهدمة، وكان يتكسر او يتفجر املا في اعادة البناء”.
هذا هو القلب الكسير حقا – القلب الذي يرى الكنيسة والعائلات في حالة حطام، ويحس بمشاعر الرب نحوها. مثل هذا القلب يلتاع على التعييرات التي تلتصق باسم الرب. إنه ينظر الى الداخل ويرى كما يرى داود، خزيه وفشله فيصرخ “يا رب، لقد احدثت ثقباً في السور! لقد أهملت وصاياك المقدسة. انا مسحوق بآثامي، ولا احتمل ان يستمر هذا الوضع!”.
لكن هناك عنصراً اخر في الانكسار، ألا وهو الرجاء فالقلب الكسير يسمع الإله يقول “سأشفي وأرد وأبني. تخلص من النفايات وابدأ العمل في سد الثغرات!”.
قبل مدة من الزمن ذهبت اتمشى في احد المنتزهات نائحاً منتدباً بسبب خطاياي، ثم عدت الى البيت واستمريت انوح وأندب مدة تزيد على سنة، ثم قال الإله لي “اذهب وافعل شيئاً بالنسبة للحطام”.
لقد رأيت الحطام، لكني لم أنكسر تماماً الا بعد ان حركني الرجاء لأبدأ في اعادة بناء السور!.
هل كنت تتفرس في الاسوار المهدمة في حياتك؟ هل اخطأت مثل داود، وجلبت العار على اسمه؟ هل هناك ثغرة في سورك، شيء لم يصلح؟
أيها الأحباء، انه لشيء جيد ان نسقط على الصخرة (يسوع) ونترضض.. ننكسر الى قطع صغيرة عندما نرى المسيح في كل مجده، فان رؤيته ستجعلنا نتكسر، حتى الاشياء الجيدة فينا.. مواهبنا.. كفاءاتنا وكل قدراتنا كلها ستتكسر عندما نقف او نركع امامه عاجزين فارغين!.
قال دانيال ” ولم تبق في قوة، (دانيال 8:10) الانكسار هو التحطم الكامل لكل القوة والقدرة الانسانيتين. انه ادراك الحقيقة الكاملة للخطية والتعيير الذي تجلبه على اسم المسيح.
ولكنه ايضا ادراكنا للأمر “قم على مقامك لأني الان ارسلت اليك” (دانيال 11:10) انه التأكيد المطلق بأن الامور ستتغير.. اليقين بأن الشفاء واعادة البناء آتيان لا محالة، انه الايمان بأن حطامك سيتم اصلاحه لمجد الإله!.
يقول الايمان المقدس ” الإله عامل في ولا يستطيع الشرير ان يمسك بي أو ينشلني! لن تتدهور حالتي ولن أسقط، لقد احزنتني خطيتي، لكنني تبت، آن أوان النهوض واعادة البناء.
لن نستطيع تخطي مرحلة الدموع الى ان نتمسك بهذا الرجاء والحماس والتصميم. وعندها قد يبدو لك ان حياتك كومة من الحجارة غير المصقولة، او تلال من اكوام الغبار، واماكن مهدومة تحتاج الى اصلاح، لكن تذكر بأن لديك سيفه وباقي اسلحته بين يديك، وتوجد لافتة كبيرة فوقك وضعتها يد الرب نفسه تقول: ” الإله يعمل، أيها الاعداء، احذروا!!”.