بالنسبة لسؤالك عن مصير الــــــــــــــــــــــــــروح بعد موت الجسد ؟
هذا السؤال شغل بال وفكر الكثيرين ، عندما تجول الأذهان عن مصير الروح بعد الموت ، وماذا ينتظرنا بعد أن تنتهي حياتنا الأرضية ، وهل هذا يعني أن نقلق !!!!
إني أضع أمامك أختي وأخي هـــــــــــذه الحقائق لعلها تساعدك، فــي فـــهم القليل عــــــن الحياة بعد الموت ؟؟
هل الموت يعني الملاشاة ؟
ينطوي هذا السؤال على سوء فهم للموت وطبيعته وما يترتب عليه، فالإنسان يميل أن يقرن الـــــــــــموت بالملاشاة، فكأن الشخص الذي يدخل دائرة الموت يتلاشى ولا يعود موجوداً، ويفقد بالتالي كل قوة وتأثير في هذه الحياة، وعلـــى الرغم من العقيدة التي يعتنقها المرء قد تُعلم غير ذلك، فإن حقيقة غياب الشخص الذي مات وعدم إمكانية الاتصال به والتواصل معه في هذه الحياة تفرض نفسها بطريقة مرعبة وتجعل وجدان المرء يساوي بين الموت والعدم .
حقيقة الموت
غير أن هذا الأمر مجانب للصواب، فما الموت إلا انفصال الروح عن الجسد، فروح الإنسان هي الكائن الحقيقي وهي تسكن جسده الذي يُشكل بيتاً لهذا الروح، فليس الإنسان جسداً يمتلك روحاً، وإنما هو روحاً تملك جسداً ، وبيمنا يتحلل هذا الجسد الفاني بعد الموت ويتعرض للفناء ، فإن الروح تستمر في الوجود إما في جهنم أو في حضرة الإله في حالة وعي وإحساس كاملين، فإذا مات المرء دون أن يقبل فداء المسيح وخلاصه ، فسينتهي به الأمر إلى حيث ” البكاء وصرير الأسنان ” يقول السيد المسيح ” ولكن أقول لكم يا أحبائي : لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر، بل أريكم ممن تخافون : خافوا من الذي بعدما يقتل له سلطان أن يلقي في جهنم، نعم أقول لكم من هذا خافوا ” ( لوقا 12 : 5،4 ) ولا مفر من هذه الدينونة لغير المؤمنين بالمسيح ، تقول كلمة الإله ” وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة
” ( عبرانيين 9 :27 )
مصير الأموات
أما الذين يموتون في المسيح، فإن أرواحهم تنتقل فوراً لتكون في حضرة الإله ، قال الرسول بولس ” لي اشتهاء أن أنطلق ( أموت ، تفارق روحي جسدي ) وأكون مع المسيح ” ( فيلبي 1 :23 ) ويحدثنا سليمان عن مصير الإنسان بعد الموت فيقول ” فيرجع التراب إلى الأرض كما كان ، وترجع الروح إلى الإله الذي أعطاها ”
( جامعة 12: 7 ) ويُسجل لنا لوقا رواية المسيح لحديث إبراهيم مع الغني المُستغني عن الإله بعد موته، وتطرقه لمصير لعازر البار بعد موته أيضاً ” أذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والآن هو يتعزى وأنت تتعذب ” ( لوقا 16 :25 ).
وعلى أساسه فإن الإيمان المسيحي، يؤكد هذه الحقيقة ، بأنه عندما يموت الإنسان فإن مصيره مرتبط بحياته قبل الموت ، فإذا كان الإنسان آمَن ووضع رجاءه في المسح ، فإن له الحياة الأبدية، أما إذا كان الشخص رافضاً عمل المسيح، ورفض الإيمان ، فإن له الدينونة المخيفة، وإننا كبشر لا نستطيع أن نحكم على الشخص بمجرد موقف أو اثنين، ولا نستطيع أن نقرر من يذهب إلى الجحيم، ومن يذهب إلى السماء ، يقول الكتاب المقدس كل من يؤمن بيسوع تكون له الحياة الأبدية .
الروح لا تفنى
وما يهمنا من هذا كله هو الوصول إلى نتيجة هي أن الروح لا تفنى، فكم بالحري إذا كان روح الإله، ونحن نعلم مما علمنا السيد المسيح أن ” الإله روح ” ( يوحنا 4 : 24 )
موت المسيح
حين جاء المسيح ، كلمة الإله ، إلى أرضنا اتخذ جسداً واكتسب الطبيعة البشرية إلى جانب طبيعته الإلهية ، لم يكن يحتاج كإله إلــــى جسد، ولكنه صار لحماً ودماً ليشاركنا طبيعتنا ويستطيع أن ينوب عنا في عملية الفداء، وعندما مات على الصليب من أجل خطايانا، سكتت الحياة في جسده وبقيت روحه حية دون أن تفقد شيئاً من طبيعتها وقدرتها ، وهذا يعني بكل بساطة أن المسيح كان حياً حتى وهو ميت .
مثال توضيحي
لقد حاول أحدهم أن يُقرّب ما حصل للمسيح في موته إلى أذهاننا ، فشبه الروح بالهواء الذي يتخذ شكل الإناء الذي يحل فيه ، فمع أن الهواء يملأ الجو ويتحرك فيه بحرية ، إلا أنه حدد لنفسه شكلاً بصورة الإناء الذي حل فيه ، فإذا كسرنا هذا الإناء الذي يتمتع الهواء داخله بنفس خصائص الهواء الموجود في الجو ، فإن الهوا يرجع ليختلط فوراً بالهواء الموجود في الجو دون أن يضيع منه شيء ، وهذا يقودنا إلى فكرة أن موت المسيح لم يؤثر على طبيعته الإلهية.
سبب موت المسيح
ولابد لنا أن نتبين أن المسيح لم يمت بسبب الصليب ، ولكنه مات على الصليب ، لم يمت بسبب المسامير والحراب التي اخترقت جسده وجعلته ينزف ، ولكنه مات بسبب خطايانا التي حملها ومات على الصليب من أجلها ، إن خطايانا وآثامنا هي التي قتلته ، وما كان للموت أن ينال منه لو لم يكن صلبه مرتبطاً بهذه الخطايا والآثام ، فلا موت بدون خطية ، ولم يكن آدم نفسه ليموت لو لم يخطأ ، تقول كلمة الإله ” كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم ، وبالخطية الموت ، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع ” ( رومية 5 : 12 ).
قيامة المسيح
كما يختلف موت المسيح عن غيره في أن جسده لم يعرف التعفن والنتانة ، وذلك لأن المسيح نفسه لم يعرف الخطية كبقية البشر مع أنه حمل خطاياهم ، لهذا كان وعد الإله الآب له بحفظ جسده من التعفن وقيامته من بين الأموات ، يقول النبي داود على لسان المسيح قبل مجيئه وموته بمئات السنين ” لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي ، جسدي أيضاً يسكن مطمئناً ، لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ، لن تدع تقيك يرى فساداً ” ( مزمور 16 : 9-10 ) وهكذا فإن روح المسيح عاد إلى جسده فأحياه في اليوم الثالث ، فكانت القيامة المجيدة المحتمة، ويسجل الكتاب المقدس أحدثاً كثيرة تشهد لقيامة السيد المسيح من الموت ، يقول ” …. المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب ، وأنه دُفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب ، وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر ، وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين ” ( 1كورنثوس 15 : 3-7 )
أبعاد القيامة
ولقد أثبتت هذه القيامة فيما أثبتت أن المسيح هو ابن الإله حقاً كما قال، وأن الروح لا تموت، وأن هناك رجاءً أكيد لكل من يؤمن بالمسيح ” أين شوكتك يا موت ؟ أين غلبتك يا هاوية ؟ ” ( 1كورنثوس 15 : 55 )، وما دام المسيح يتمتع بالجوهر الإلهي، فليس غريباً أن يكون مختلفاً عن موت كل إنسان، وأن تكون له نتائج عظيمة مباركة. يقول السيد المسيح ” أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد ” ( يوحنا 11 : 26،25 ).
خلاصة:
وهكذا فإن موت المسيح لا ينفي ألوهيته، بل يؤكد محبته العظيمة لنا، تلك المحبة التي جعلته يموت من أجلنا، لنتذكر أنه ذاق عنا المــــوت وأخذ عقابنا، فهل نفهم موته حق الفهم ونقبله؟ هل نعيش غالبين الحياة ونموت إذا كان لابد من الموت، قاهرين الموت؟ أم نعيش مهزومين يائسين، ونموت بلا أي رجاء؟